ظاهرة وجود صديق خيالي للطفل هي ظاهرة طبيعية تحدث لنسبة لا بأس بها من الأطفال، فهي مرحلة طبيعية من التطور العاطفي لدى الأطفال  تدل على نشاط مخيّلة الطفلن وقدرته على عمل حوار وسيناريو مع صديق غير موجود،قد يأخذ هذا الصديق أي شكل فقد يكون لعبة يحبها، أو شخصية كارتونية يتأثر بها، أو حتى تأخذ شكل طفل أو حيوان ويطلق عليه أي اسم قد يعلق في ذهنه، ويحاول الطفل جعل الآباء أو الأشخاص المحيطة به معرفة أن هناك صديق له واخبارهم الحوار الذي يدور بينه وبين هذا الصديق، ويشير تقرير الدراسة التي تم اجرائها من خلال باحثين  من جامعتيّ أوريغون وواشنطن بأن: ^[1]

تم مراقبة 152 طفلا تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات، ووجدوا أن 2 من أصل 3 أطفال صغار لديهم أصدقاء وهميين، وأن 70 في المئة من العينة كانوا إما الطفل البكر أو الطفل الوحيد في العائلة.

أسباب وجود صديق خيالي للطفل

الحاجة إلى المشاركة

يحتاج الطفل في العمر من ثلاث إلى خمس سنوات، إلى المشاركة والتحدث بخصوص ما يفعله في يومه، أو يحتاج إلى التنفيس عن مشاعره من غضب وحزن وغيرها لأحد، فإن كان الأبوان لا يسمعان أو لا يهتما بالقدر الكافي لحث الطفل على التحدث معهم، أو منحه فرص الاختلاط بالآخرين من اصدقاء أو اقارب، وإن كان الطفل وحيداً أو الطفل البكر، فهو بلا اخوة، يلجأ الطفل إلى ابتكار فكرة صديقه الخيالي فيشاركه ما يحدث معه، ويلعب معه وهكذا..

سعة خيال الأطفال

الأطفال في العمر الصغير تتميّز بسعة خيالهم وقدرة تصورهم لكثير من الأحداث، واختلاقهم القصص والسيناريوهات التي تجعل الطفل يلجأ لوجود صديق خيالي حتي يعبر عن كل الاشياء الخارقة التي يفكر بها، أو حتى ليشاركها مع الأهل في صورة أن شخصاً آخر هو من قام بكل الاحداث التي تدور في رأسه، وأحياناً ليقع اللوم على صديقه الخيالي عندما يقوم بفعل شئ خاطئ.

كيفية التعامل مع وجود صديق خيالي للطفل

تقبل الفكرة

تقبل فكرة وجود صديق خيالي للطفل، سيجعل ذلك الطفل مقبلاً على التحدث معك بشكل أفضل عن ما يدور برأسه، أو سيشعر بالأمان والتقبل في اللعب مع صديقه الخيالي امامك، وهذا سيجعلك على دراية كافية عن نوعية وطبيعة المشاعر الموجودة بداخله وكيفية التعبير عنه، ويمكن القيام بذلك عن طريق مراعاة وجود مكان للطفل الخيالي على طاولة الطعام مثلاً، فهذا سيعطي مساحة للطفل، وسيعطيك القدرة على وضع الحدود إذا تطلب الأمر ذلك.

رفض إلقاء اللوم على الصديق الخيالي

قد يقوم الطفل ببعض الأفعال المشاغبة أو الخاطئة، أو غير المقبولة في الأسرة ويلقي اللوم على صديقه الخيالي بأنه من اخبره بضرورة القيام بذلك، أو بقول أن صديقه الخيالي هو من فعل ذلك، وطريقة إلقاء اللوم على الغير هذه، هي من الحيّل النفسية التي تسمى “الاسقاط” وقد يستخدمها الطفل غير متعمداً كآلية دفاع للهروب من العقاب، لذا يجب التحدث مع الطفل ووضع بعض القواعد الصارمة بشأن هذا الأمر، وأنه من يفعل شئ يجب أن يتحمل عواقب هذا الفعل ومسئوليته، أيضاً على الآباء عدم الوقوع في الخطأ والقاء اللوم على وجود صديق خيالي، والتحلي بالصبر عندما يتعاملوا مع هذا الموضوع.

وضع الحدود

قد يقوم الطفل بالتمادي ومحاولة كسر القواعد عبر صديقه الخيالي، مثل الرغبة في السهر لأن صديقه الخيالي اراد ذلك أو الافراط في تناول الحلوى ليشاركها مع صديقه الخيالي، كما من الممكن أن يكثر من التعبير عن نفسه عبر صديقه الخيالي، بأن “صديقه االخيالي يريد أن يطلب شيئاً ما، أو أن صديقه الخيالي يقول أنه (الطفل) يشعر بشعور معين بسبب حدث معين”، من هنا يجب التدخل ووضع حدود واضحة وصريحة ليفهم الطفل أن القواعد تظل قواعد حتى وإن طلب الصديق الخيالي شيئاً مخالفاً لها، مع تعليمه عدم اتخاذه كعذر، وأيضاً من المهم جداً أن تطلب من الطفل أن يحدثك بنفسه، وأن يخبرك  هو مايشعر به ليس ماصديقه الخيالي يقوله، لتعمل على تعزيز ثقته بنفسه.^[2]

ذات صلة:4 نصائح عن تعزيز ثقة الطفل بنفسه

اللجوء إلى اخصائي أطفال

يمكن اللجوء إلى اخصائي أطفال فقط إن كان الأمر مثيراً للقلق، وكان سلوك الطفل في وجود الصديق الخيالي غير طبيعي مثل: أن يميل للعزلة والجلوس بمفرده مع هذا الصديق طوال الوقت، أن يقول أن صديقه الخيالي طلب منه فعل أشياء خطيرة، أو أن يشعر الطفل بالخوف والقلق عند ظهور صديقه الخيالي، أو عندما يتصرف بغضب أو طريقة غير مألوفة وخارجة عن السيطرة، سيعمل الاخصائي النفسي للأطفال على توجيهك لكيفية التعامل معه في هذه الحالة، ومعرفة إن كان هذا طيف من أطياف التوحد أم مجرد حالة نفسية عابرة.